قالت:"فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع" - أي لا ينقطع- "ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي".
عباد الله! أبطأ الوحي في النزول؛ والرسول - صلى الله عليه وسلم - يتألم مما يسمعُ من كلام الناس، فدعا بعض أصحابه يستشيرهما في فِراق أهله.
تقول - رضي الله عنها-: "ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ بن أبي طالبٍ وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي -أي أبطأ ولم ينزل- يستشيرُهما في فراق أهله".
قالت: فأمَّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلمُ في نفسه لهم من الوُدِّ.
فقال: يا رسول الله! همُ أهلك ولا نعلمُ إلا خيراً.
وأمَّا عليُ بن أبي طالب فقال: لم يُضيق اللهُ عليك، والنساء سواهما كثيرٌ، وإن تسأل الجارية تصدُقك.
فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجارية فقال لها: هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟
فقالت الجارية: والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمراً قطُّ أغمصه عليها -أي أعيبها به- أكثر من أنها جارية حديثة السنِّ، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الدَّاجن فتأكله".
تقول -رضي الله عنها-: "فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فقال: يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغ أذاهُ في أهل بيتي- يقصد عبد الله بن أبي ابن سلول- فوالله، ما علمتُ على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما