للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباده الصالحين.

قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ}، وجاء النصر والفرج من عند الله، فأرسل الله ريحاً وجنوداً من عنده على الأحزاب أطفئت نارهم، وقلعت خيامهم.

عباد الله! تعالوا بنا لنستمع إلى حذيفة - رضي الله عنه - وهو يخبرنا عن الظروف الصعبة التي يعيش فيها المسلمون، ويخبرنا أيضاً عن الرعب والدمار والذعر الذي حل بالأعداء في الجانب الآخر من الخندق.

يقول - رضي الله عنه -: "لقد رأيتُنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق -أي يوم الأحزاب- فقام - صلى الله عليه وسلم - فصلى هوياً من الليل ثم قال: "من يأتنا بخبر القوم- أي العدو- أشترط له الرجعة، وأضمن له الجنة".

قال حذيفة: فما قام أحدٌ من شدة الجوع والبرد والريح.

قال حذيفة: فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هوياً من الليل ثم التفت إلينا وقال: "من يأتنا بخبر القوم؟ أشترط له الرجعة وأسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة". قال حذيفة: فلم يقمْ أحد من شدة الخوف والجوع والبرد.

يقول حذيفة: فلما لم يقمْ أحدٌ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قم يا حذيفة".

يقول حذيفة: فلما دعاني لم يكن لي بدٌّ من القيام فقمتُ.

فقال- صلى الله عليه وسلم -: "اذهب فأتنا بخبر القوم ولا تحدثن شيئاً حتى تأتينا".

قال حذيفة: فخرجت وأنا شديد البرد، فلما مشيت في حاجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأني أمشي في حمَّام -أي: لم أجد البرد الذي يجده الناس- لأنه خرج طاعة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - فأتيت القوم ودخلت فيهم، وإذا بأبي سفيان يقوم ويقول: يا معشر قريش: لينظر امرىٌ -أي كلُّ واحد- من جارهُ!