"يوشك أن تداعى عليكم الأمم" -أي: يدعو بعضها بعضاً، فتجيب- "كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: أو من قلة نحن يومئذ؟
قال - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السَّيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوَهنَ.
قالوا: يا رسول الله! وما الوهنُ؟
قال - صلى الله عليه وسلم -: "حب الدنيا وكراهية الموت" (١).
عباد الله! وهذا الحديث يُشَخّص لنا حال الأمة الإِسلامية إذا ضعفت وتفرقت مع أعدائها، ففي هذا الحديث:
أولاً: أن أعداء الإِسلام يرصدون حالة أمة الإِسلام؛ فإن رأوا أن الوهن دبّ إليها، والمرض نخر جسمها، وثبوا عليها ليقضوا على ما تبقى منها.
ثانياً: أن أمم الكفر تدعو بعضها بعضاً لتجتمع للتآمر على الإِسلام وأهله.
ثالثاً: أن ديار المسلمين منبع خيرات وبركات، تحاول أمم الكفر الاستيلاء عليها ولذلك شبهها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالقصعة المملوءة بالطيب من الطعام، التي أغرت الأكلة فتواثبوا عليها، كل يريد نصيب الأسد.
رابعاً: أن أمم الكفر لم تعد تهابُ المسلمين لأنهم فقدوا مهابتهم بين الأمم، بعد أن بعدوا عن دينهم.
خامساً: عناصر قوة الأمة الإِسلامية ليس في عددِها وعُدتِها، بل في عقيدتها ومنهجها.