للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! خرج وفدٌ من اليهود وعلى رأسهم حُييُّ بن أخطبٍ وأبو رافع بن أبي الحقيق إلى كفار مكة وإلى القبائل المجاورة، وحرضوهم على غزو المسلمين في المدينة للقضاء عليهم، وخرج بسبب هذا التحريض جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل.

عباد الله! ولما وصل هذا الجيش إلى المدينة ووجد الخندق الذي حال بينه وبين دخول المدينة، وطال الحصارُ من هذا الجيش للمدينة، ولم يتمكن من دخولها ذهب رأس العصابة حُييُّ بنُ أخطب اليهودي إلى يهود بني قريظة الذين يسكنون في الجهة الجنوبية من المدينة، وبينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد وميثاق، لينقضوا عهدهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يتمكن جيش الأحزاب من الدخول إلى المدينة من الجهة الجنوبية ليضربوا المسلمين من الخلف، فأتي حييُّ بن أخطب اليهودي كعباً القرظي وهو كبير بني قريظة، ثم ناداه يا كعب افتح لي! فأغلق كعب دونه الأبواب.

يا كعبُ افتح لي! قال له كعبٌ: ويحك يا حُييُّ، إنك رجلٌ مشئومٌ وقد أعطيت محمداً عهداً وميثاقاً، ولم أر منه إلا وفاءاً وصدقاً فما أنا بناقض عهده.

عباد الله! فما زال حُييُّ بن أخطب بكعب القرظي يُغريه حتى فتح له، فأخذ يحدُّثه عن كثرة جيش الأحزاب الذي جاء به، وعن شدة قوة هذا الجيش وعن الأسلحة التي معهم حتى طمأنه أن النصر سيكون بجانب الأحزاب لا لمحمدٍ وأصحابه- لتعلموا ماذا تفعل اليهود في ظلمات الليل، وهذا هو هدفهم في كل زمان ومكان؛ القضاء على الإِسلام والمسلمين- فلما أمِنَ كعبٌ القرظي عاقبة الغدر، وعلم أن الدولة للأحزاب لا لمحمدٍ وأصحابه؛ وافق حُييُّ بن الأخطب على ما دعاه إليه من الغدر، وهذا يدلُنا يا عباد الله على أن اليهود أهل غدر وخيانة، يوفون بالعهد إذا كان لمصلحتهم ويغدرون إذا كان الغدر لمصلحتهم.