للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوراً وبأسرع ما يمكن وقال لهم: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" (١)، وكان ذلك بعد الظهر، ولبس النبي - صلى الله عليه وسلم - سلاحه وخرج مع الجيش

عباد الله! ها هو جيش الإِسلام بقيادة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في طريقه إلى بني قريظة، وقد سبقهم جبريل عليه السلام.

ويقول أنس - رضي الله عنه -: "كأني أنظر إلى الغبار ساطعاً في زقاق بني غنم موكب جبريل حين سار ورسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى بني قريظة" (٢).

وتقول عائشة -رضي الله عنها- خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فمر على بني غنم، وهم جيران المسجد، فقال لهم: مَنْ مرَّ بكم؟

فقالوا: مر بنا دحية الكلبي، وكان دحية الكلبي تشبه لحيته ووجهه جبريل عليه السلام فعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن جبريل قد سبقه إلى بني قريظة - تقول -رضي الله عنها- فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاصرهم خمسة وعشرين ليلةً، فلما اشتد حصارهم واشتد البلاء، قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأشار إليهم أنه الذبح.

فقالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ، وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن معاذ، فأُتي به على حمار قد حمل عليه وحفَّ به قومُهُ -أي من الأوس- وقالوا له: يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك، وأهل النكاية، ومَنْ قد علمت.

فلم يرجع شيئاً ولا يلتفت إليهم، حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٩٤٦)، ومسلم (رقم ١٧٧٠).
(٢) رواه البخاري (رقم ٤١١٨).