للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباد الله! ولما قتل رجال بني قريظة وسبيت النساء والصبيان، وقرت عين سعد بن معاذ لذلك استجابة من الله لدعوته: توجه - رضي الله عنه - إلى الله تعالى بدعوة ثانية فقال: "اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش على نبيك - صلى الله عليه وسلم - شيئاً فابقني لها، وإن كنت أنهيت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك، فسأل جرحه فلم يتوقف حتى مات - رضي الله عنه - (١).

عباد الله! وقد أخبرنا الله في كتابه بغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة فقال تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢٧)} [الأحزاب: ٢٥ - ٢٧].

هكذا (الجزاء من جنس العمل) {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)}.

أرادت بنو قريظة القضاء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فنزل ذلك بهم، وأراد عدو الله حيي بن أخطب اليهودي استئصال المسلمين فنزل ذلك به وضرب المسلمون عنقه مع أعناق بني قريظة.

عباد الله! وهذا أبو رافع بن أبي الحقيق اليهودي، الذي ذهب مع حيي بن الأخطب اليهودي إلى كفار مكة؛ ليحرضوهم على استئصال المسلمين في المدينة، لا بد أن يأخذ جزاءه فأمر النبي- صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يقتلوه.


(١) "مسند أحمد" (٦/ ١٤٢).