للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاقتحام فأكرهها على النزول وقال:

أقسمتُ يا نفسُ لتنزلنّه ... إن أجلب الناسُ وشدُّوا الرنَّه

لتنزلنه أو لتكرهنّه ... مالي أراك تكرهين الجنة

وقال أيضاً:

يا نفسُ إلا تُقتلي تموتي! ... هذا حمام الموت قد صليت!

وما تمنيت فقد أُعطيت! ... إن تفعلي فعلهما هُديت!

ثم نزل، فأتاه ابن عم له بِعَرْقٍ من لحم فقال: شُدَّ بهذا صلبك فقد لقيت ما لقيت، فنهس منه نهسه، ثم سمع جلباً -أي صوتاً- فقال: وأنت في الدنيا -يعني القتال دائر بين المسلمين والمشركين وأنت يا ابن رواحة في الدنيا- ثم رمى بقطعة اللحم، وأخذ سيفه، ودخل في صفوف المشركين فقاتل حتى قتل - رضي الله عنه -.

عباد الله! تقدم ثابت بن أرقم - رضي الله عنه - فرفع الراية وقال: يا قوم اصطلحوا على أميرٍ منكم، قالوا: أنت، قال: ما أنا بفاعل، لست لها، فاصطلح الناسُ على خالد بن الوليد - رضي الله عنه - وكانت هذه الغزوة أول غزوة يشهدها خالد في صفوف المسلمين؛ لأنه أسلم بعد صلح الحديبية.

عباد الله! أخذ خالد - رضي الله عنه - الراية وقاتل قتالاً مريراً.

يقول خالدٌ - رضي الله عنه -: "لقد انقطعت في يدي يوم مؤته تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية" (١)، ولذلك سماهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومها سيف الله،


(١) رواه البخاري (٤٢٦٦).