للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصبيّ ونفسه تقعقع، فذرفت عيناه - صلى الله عليه وسلم - فقيل له: ما هذا يا رسول الله؟

فقال: "هذه رحمة، جعلها الله في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" (١).

ولما دخل - صلى الله عليه وسلم - على ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه بكى أيضاً وقال: "إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون ولا نقول إلا ما يرضى ربنا" (٢)، كيف لا والله -عز وجل- يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)}.

وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨].

عباد الله! وفي هذا دلالة على جواز البكاء والحزن على الميت من غير نياحة، ولا رفع للصوت لأن ذلك حرامٌ.

ثالثا: معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة مؤته.

المعجزة الأولى: أنه حين عيّن الأمراء أشار من طرفٍ خفىٍّ إلى استشهادهم حيث أمّر زيد بن حارثة ثم قال، فإن أصيب فجعفر، ثم قال: فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة.

المعجزة الثانية: أن الله أطلعه على كل ما دار في أرض المعركة بمؤته، وأراهُ ما كان فيها، فنعى الشهداء إلى أهليهم قبل أن يأتيه الخبر من أرض المعركة.

اللهم انصر الإِسلام وأعز المسلمين.


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ١٢٨٤)، ومسلم (رقم ٩٢٣).
(٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ١٣٠٣)، ومسلم (رقم ٢٣١٥).