للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكن مِن أنفسهم، وما من أحدٍ من أصحابك إلا له أهلٌ في قريش يحمون ماله وأهله، فأردت إن فاتني ذلك من النسب أن أتخذ بهذا الكتاب عندهم يداً يحمون بها أهلي ومالي.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إنه قد صَدَقكم".

فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عُنق هذا المنافق.

فقال - صلى الله عليه وسلم -: يا عمر أو ليس قد شهد بدراً؟

وما يدريك لعلَّ الله قد اطلع على أهل بدرٍ فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم، فأنزل الله -تبارك وتعالى- في حاطب بن أبي بلتعة وكتابه الذي بعث به إلى قريش سورة الممتحنة.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١)} [الممتحنة: ١] (١).

عباد الله! وهكذا أخفى الله -تبارك وتعالى- عن قريش خبر خروج رسوله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، وكذلك ما يستطيع أحد أبداً أن يتكلم في حق حاطب الصحابي الجليل - رضي الله عنه - لأنه شهد بدراً وشفعت له حسنته الكبيرة بشهوده في بدر ما فعل.


(١) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٠٠٧)، ومسلم (رقم ٢٤٩٤).