فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن"(١).
فأراد أبو سفيان أن ينصرف فيأتي أهل مكة فيخبرهم؛ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -
للعباس:"يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل، حتى تمر به جنود الله فيراها".
قال العباس: فانطلقت بأبي سفيان فحبسته حيث أمرني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن أحبسه، فجعلت القبائل تمرُّ علينا قبيلةً بعد قبيلةٍ، كلما مرت قبيلة سألني أبو سفيان: من هؤلاء؟ أقول بني سُليم، يقول: ماليَ ولبني سُليم ثم تمر القبيلة فيقول من هؤلاء؟ أقول مُزينة، يقول: مالي ولمزينة، فجعلت القبائل تمرُّ قبيلة قبيلة، كلما رأى قبيلة قال: يا عباسُ من هؤلاء؟ أقول بني فلان، يقول ماليَ ولبني فلان، حتى مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبته الخضراء معه الأنصار والمهاجرون لا تُرى منهم إلا الأعين فلما رآهم أبو سفيان قال: يا عباس من هؤلاء؟
قلت: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه المهاجرون والأنصار.
قال أبو سفيان: يا عباس! ما لأحدٍ بهؤلاء من قبل ولا طاقة.
ثم قال أبو سفيان: يا عباس! لقد أصبح ملك ابن أخيك الآن عظيماً.
فأراد العباس أن يصحح هذه الفاهيم لأبي سفيان فقال له: يا أبا سفيان ليس الملك ولكنها النبوة؛ ليعلم الجميع أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - ما جاء يوماً يبحث عن الملك ولا عن الدنيا إنما جاء بالنبوه ليدعو الناس إلى هذا الدين العظيم.
(١) رواه مسلم (رقم ١٧٨٠) وانظر "صحيح أبي داود" (٢٦١١).