للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول - رضي الله عنه -: "فطفقت إذا خرجتُ في الناس، بعد خروج رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يحزنني أني لا أرى لي أسوةً، إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق" -أي: متهماً - أو رجلاً ممن عذر اللهُ من الضعفاء.

يقول - رضي الله عنه -: "ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالسٌ في القوم بتبوك: "ما فعل كعبُ بن مالك؟ " قال رجل منِ بني سلمة: يا رسول الله: حبسهُ بردَاهُ والنظر في عِطفيه" -أي: جانبيه، وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه- "فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله! يا رسول الله! ما علمنا عليه إلا خيراً، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".

يقول - رضي الله عنه -: "فبينا هو على ذلك رأى رجلاً مبيضاً" -أي: لابسا البياض- "يَزُولُ به السَّراب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كن أبا خيثمة" فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون".

قال كعب - رضي الله عنه -: "فلما بلغني أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد توجه قافلاً" -أي: راجعاً- "من تبوك، حضرني بثِّي" -أي: حزني الشديد- "فطفقت أتذكر الكذب وأقول: بم أخرج من سخطه غداً؟ وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قد أظل قادماً، زاح عني الباطل حتى عرفت أني لم أنجُ مِنه بشيءٍ أبداً، فأجمعت صِدقهُ" -أي: عزمت على أن أصدقه-.

يقول - رضي الله عنه -: "وأصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قادماً، وكان إذا قَدِمَ مِن سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك، جاءهُ المخلَّفون يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعاً وثمانين رجلاً، فقبل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله تعالى"، يقول - رضي الله عنه -: "حتى جئت، فلما سلمت تبسَّم تبسُّمَ المُغضب ثم قال: