للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقول: كم؟ فيقول: صاعاً من تمر، أو مدين من شعير. قال: فنخرجها، ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرتنا فيستسقى لنا، فوالله، ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ويسقى. قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث.

قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميت قال: يا معشر يهود! ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قال: قلنا: أنت أعلم. قال: فإني إنما قدمت هذه البلدة أتوكف (١) خروج نبي قد أظلكم زمانه، هذه البلدة مهاجرة، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه، وقد أظلكم زمانه، فلا تسبقن إليه يا معشر يهود، فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري ممن خالفه، فلا يمنعكم ذلك منه.

فلما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحاصر بني قريظة، قال هؤلاء الفتية- وكانوا شباباً أحداثاً-: يا بني قريظة! والله، إنه للنبي الذي عهد إليكم فيه ابن الهيبان. قالوا: ليس به. قالوا: بلى والله؛ إنه لهو بصفته. فنزلوا فأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم (٢).

عباد الله! أخبار وأدلة كثيرة تبشر برسولنا - صلى الله عليه وسلم -، أردنا أن نذكر بها قبل أن نتكلم عن مرحلة بدء الوحي والبعثة التي يُبعث فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، لتزدادوا إيماناً مع إيمانكم، ولتعلموا أن دينكم هو الحق، وأن رسولكم هو الحق، فتتمسكوا بدينكم وبسنة نبيكم، ولتثبتوا عند الفتن.


(١) أي: أتوقع وأنتظر.
(٢) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (٦٠ - ٦١).