للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي.

فقالت له خديجة: يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي! ماذا ترى! فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس -وهو جبريل عليه السلام- الذي كان ينزل على موسى، يا ليتني فيها جذعاً -أي شاباً- ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أو مخرجي هم؟ " فقال: نعم، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي" (١).

عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من هذا الحديث فهي كثيرة؛ نقول على سبيل المثال:

أولاً: في الحديث فضل اعتزال أهل الشرك والسوء والمعاصي.

قال- تعالى- حاكياً عن إبراهيم عليه السلام {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩)} [مريم: ٤٨ - ٤٩]، وقال تعالى حاكياً عن موسى عليه السلام: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١)} [الدخان: ٢١]. وقال ربنا -جل وعلا- لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: ٦٨].


(١) رواه البخاري (رقم ٣، ٤٩٥٣)، انظر "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص٨٥ - ٨٦).