للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالله -عز وجل- قال لرسوله - صلى الله عليه وسلم - {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧]، والذي نزل إلى رسولنا - صلى الله عليه وسلم -ليبلغه إلى الناس- هو الوحي الذي جاءه من الله -تبارك وتعالى- بواسطة جبريل عليه السلام.

قال ابن القيّم - رحمه الله -وهو يذكر مراتب الوحي:

أحدها: الرؤيا الصادقة، وكانت مبدأ وحيه - صلى الله عليه وسلم -، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.

الثانية: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن روح القدس (١) نفث في روعي (٢) أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته" (٣).

الثالثة: أنه كان يتمثل له الملك رجلاً، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً، كما في حديث جبريل عليه السلام، عندما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإِسلام، والإيمان، والإحسان، وكان في صورة رجل، فلما ولى قال - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم".


(١) أي جبريل عليه السلام.
(٢) أي في نفسي.
(٣) صحيح بشواهده، انظر "صحيح الجامع" (٢٠٨١).