للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه السادس: أن ما يفعلونه في عيدهم فيه ما هو حرام، وما هو كفر، وما هو مُباح، لو تجرَّد عن مفسدة المشابهة، ثم التمييز بين هذا وهذا قد يخفى على كثير من الناس، فالمشابهة فيما لم يظهر تحريمه [للعالم] (١) يوقع العاميَّ فيما هو حرام.

الوجه السابع: أن الله جَبَلَ بني آدم، بل سائر المخلوقات على التفاعل بين الشيئين المتشابِهَيْن، وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتمَّ، إلى أن يؤول الأمرُ إلى أن لا يتميَّز أحدهما عن الآخر.

ولهذا وقع التأثير في بني آدم، واكتساب بعضهم أخلاقَ بعضٍ بالمعاشرة والمشاكلة، وكذلك الآدميُّ إذا عاشَر نوعًا من الحيوان اكتسبَ بعضَ أخلاقه، ولهذا صار الفخر والخُيَلاء في أهل الإبل، وصارت السكينةُ في أهل الغنم، وصار الجمَّالون والبغَّالون فيهم أخلاق مذمومة، وكذلك الكلَّابون، وصار في الحيوان الإنسيِّ بعضُ أخلاقِ الناس وقلة النُّفْرة، فالمشابهة في الأمور الظاهرة توجب المشابهة في الأمور الباطنة، على وجه المُسَارقة والتدريج الخفي.

والمشاركةُ في الهدي الظاهر توجب مناسبةً وائتلافًا وإن بَعُد المكان والزمان، فمشاركتهم في أعيادهم توجب نوعًا من اكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة، وما كان مَظِنَّةً لفسادِ أمرٍ (٢) خفيٍّ، عُلِّق الحكم به وأُدِيْر التحريم عليه.


(١) زيادة من "الاقتضاء".
(٢) كذا بالأصل بزيادة "أمر" وفي المطبوعة بدونه، وهو أولى.

<<  <   >  >>