للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو فرض أن المسلمَ كَرِه ذلك، لكن غيَّر عادته ذلك اليوم كما يُغيِّر أهل البدع عادتهم في الأمور العادية أو في بعضها، بصنعةِ طعامٍ، وزينةِ لباسٍ (١)، وتوسعةٍ في نفقةٍ، من غير أن يتعبَّد بذلك، ألم يكن هذا من أقبح المنكرات؟! فكذلك موافقة هؤلاء المغضوب عليهم والضالين، وأشد.

نعم هؤلاء يُقَرُّون على دينهم المبتَدع والمنسوخ متستِّرين به (٢)، والمسلم لا يُقَرُّ على مُبْتَدع ولا منسوخٍ، لا سرًّا ولا علانية، كما لو صلي مسلم إلى بيت المقدس أو ابتدع شيئًا في الدين.

الوجه الثالث: أنه إذا سوِّغ فِعْل القليل من ذلك، أدى إلى فعل الكثير، ثم الشيء إذا اشتهر دخلَ فيه عموم الناس وتناسَوا أصله، حتى يصير عادة للناس، بل عيدًا، حتى يُضاهَي بعيدِ الله تعالي؛ بل قد يزاد عليه حتى يكاد يُفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر، كما قد سوَّله الشيطان -ممن يدعي الإسلام- فيما يفعلونه في آخر صوم النصارى من الهدايا والأفراح والنفقات والكسوة وغير ذلك مما يصير به مثل عيد المسلمين، بل البلاد المُصاقِبة (٣) للنصارى، قد صار ذلك أغلب عندهم وأبهى في نفوسهم من عيد الله ورسوله، على ما حدثني به الثقات.

وهذا الخميس الذي يكون في آخر صوم النصارى يدور بدوران صومهم الذي هو سبعة أسابيع. وصومُهم وإن كان في أول الفصل الذي تسمية العربُ: "الصيف"، وتسمِّيه العامة: "الربيع"، فإنه يتقدم ويَتأخَّر


(١) في "الاقتضاء": "وزينة ولباس".
(٢) كذا بالأصل، وفي "الاقتضاء": "مُسْتسرين به".
(٣) أي: القريبة الموالية لها.

<<  <   >  >>