للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدخلون في الاسم المطلق إذا قيل: "كافر ومؤمن"، كما قال: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦)} [الطارق: ٦]، فلم يدخل في قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (١) [المائدة: ٦].

فيندرج في قوله: " [ومُبْتَغٍ سنة] (٢) جاهلية" كلُّ جاهليةٍ مطلقة أو مقيَّدة، يهودية أو نصرانية أو مجوسيَّة أو صابئية أو وثنية أو مشركيَّة أو مركَّبة من بعض هذه المِلل الجاهلية، فإنها كلَّها مُبْتَدَعها ومَنْسُوْخَها صارت جاهلية بمَبْعَث محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان لفظ "الجاهلية" لا يُقال غالبًا إلا على حال العرب، فإن المعنى واحد.

وأيضًا: فإنه نهى عن الصلاة في أماكن العذاب، كما كره عليٌّ الصلاةَ في أرض بابل، وقال: "نهاني حِبِّي أن أُصلِّي في أرضِ بابلَ والمقبرةِ" رواه أبو داود (٣)، وأحمد (٤) وزادَ: "وأرض الخَسْف، ونحو ذلك".

وكره أحمدُ الصلاةَ في هذه الأمكنة اتباعًا لعلي (٥). وقولُه: "نهاني حِبِّي أنْ أُصَلِّي في أرضِ بابلَ، فإنها ملعونة" يقتضي النهيَ عن كلِّ أرضٍ ملعونةٍ.


(١) من قوله "فالرجل مع فضله ... " إلى هنا ملحق في هامش الورقة (١٨٢ ب).
(٢) في "الأصل": "ومتبع بسنة"! وهو خطأ، وقد تقدم نص الحديث وتخريجه.
(٣) رقم (٤٩٠) من حديث علي -رضي الله عنه- مرفوعًا، وضعفه الخطابي في "المعالم" والحافظ ابن عبد البر، والحافظ في "الفتح": (١/ ٦٣١).
(٤) في "مسائل ابنه عبد الله": (١/ ٢٢٩ رقم ٣١٠) موقوفًا على عليٍّ. قال ابن عبد البر في "التمهيد": (٥/ ١٢٤): "حسن الإسناد"، وقوَّاه شيخ الإسلام في "الاقتضاء": (١/ ٢٦٤)، ووقع فيه "بإسناد أوضح" صوابها "أصحَّ".
(٥) انظر "مسائل عبد الله": (١/ ٢٢٨)، و "المغني": (٢/ ٤٧٧).

<<  <   >  >>