للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُبْلي (١) الأنبياء، فعُلِمَ أنه لمظنة عبادة الأوثان، قال الشافعي: "أكره أن يُعظم قبر مخلوق حتى يُجْعَل قبره مسجدًا مَخافَة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس" (٢).

وقد نبه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "اللهم لا تَجْعَل قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَد" (٣) على العلة.

فصلٌ (٤)

ولخوف مظنة عبادة الأوثان حَسَم الرسول -صلى الله عليه وسلم- المادَّة، ونهى عن الصلاة عند القبور، كما تقدم، ولأجل تلك العلة وقع كثير من الأُمم إما في الشرك الأكبر أو الأصغر، فإن النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، فإن الشرك بقبر الرجل الصالح أعظم من الشرك بخشبة أو حجر على تمثاله، فتجد قومًا يتضرَّعون عند القبور، ويخشعون ويعبدون بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في المسجد، بل ولا في السَّحَر، وقد يسجدُ بعضُهم لها، ويرجون من بركة الصلاة عندها، ما لا يرجونه عند بيتِ الله.

فحَسَمَ -صلى الله عليه وسلم- ذلك كلَّه، وإن لم يقصد المصلِّي [بركة] (٥) ذلك، كما يُنهى عن الصلاة عند طلوع الشمس واستوائها وغروبها، فيُنْهَى عن ذلك سدًّا للذريعة.


(١) كلمة لم تحرر، ولعلها ما أثبت.
(٢) كما في "الأم": (١/ ٢٨٧).
(٣) أخرجه أحمد: (١٢/ ٣١٤ رقم ٧٣٥٨) وغيره، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وسنده جيد، وانظر "النهج السديد" رقم (٢١٩).
(٤) "فصل" ليس في "الاقتضاء": (٢/ ١٩٢).
(٥) في "الأصل": "برکعته"! والتصويب من "الاقتضاء".

<<  <   >  >>