للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصلٌ (١)

وليعلم أن بين التشبُّه بالأعراب والأعاجم (٢) فرقًا يجب اعتباره، وإجمالًا يحتاج إلى تفسير، وذلك أن نفس الكفر والتشيطن مذمومٌ في حكم الله ورسوله وعباده المؤمنين، ونفس الأعرابية والأعجمية ليست مذمومة في نفسها عند الله وعند رسوله وعند عباده المؤمنين؛ بل الأعراب منقسمون إلى أهل جفاءٍ، كما قال: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا} الآية [التوبة: ٩٧].

وقال تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا} الآية [التوبة: ٩٨]. {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} إلى قوله: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (١٢)} [الفتح: ١١ - ١٢].

وإلى أهل إيمانٍ وبرٍّ قال تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ} الآية [التوبة: ٩٩].

وقد كان في أصحاب رسول الله ممن وفَدَ عليه ومن غيرهم من الأعراب من هو أفضل من كثير من القرويين.

فهذا كتاب الله يَحْمد بعضَ الأعراب ويذمُّ بعضَهم، وقال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة: ١٠١] فعُلِمَ أن المنافقين في الأعراب وذوي القرى.

وكذلك العجم -وهم من سِوى العرب من الفُرْس والروم والتُّرْك


(١) "الاقتضاء": (١/ ٤١٠).
(٢) يعني: وبين الكفار والشياطين.

<<  <   >  >>