للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان هذا مشروعًا يُثِيب الله عليه؛ لكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلمَ بذلك، ولأَعْلَمَ أصحابَه -أيضًا- ذلك، وكانوا أرْغَبَ فيه ممن بعدهم، فلما لم يكونوا يلتفتون إلى شيءٍ من ذلك، عُلِمَ أنه من البدع المُحْدَثة التي لم يكونوا يعدونها عبادةً وقربةً وطاعةً، فمن جعلها عبادة فقد اتبعَ غير سبيلهم وشرع من الدين ما لم يأْذَن به الله (١).

فصلٌ (٢) [في إثبات الشفاعة ونفيها]

[افترق الناس على ثلاث فرق]

* المشركون ومن وافقهم من مبتدعة أهل الكتاب وهذه الأمة: أثبتوا الشفاعة التي نفاها القرآن، مثل قوله: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ} [السجدة: ٤] {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١)} [الأنعام: ٥١] فيتخذون آلهتهم وسائط تقرِّبهم إلى الله زُلْفَى وتشفع لهم.

* والخوارج والمعتزلة: أنكروا شفاعة نبيِّنا في أهل الكبائر من أمَّته، بل أنكر طائفةٌ من أهل البدع انتفاعَ الإنسان بشفاعة غيره ودعائه.

* وأما سلف الأمة وأئمتها ومن اتبعهم من أهل السنة والجماعة: فأثبتوا ما جاءت به السنةُ من شفاعته لأهل الكبائر من أُمته وغير ذلك من أنواع شفاعته وشفاعة غيره من الأنبياء والملائكة، وقالوا: لا يخلد


(١) هذا المقطع من قوله "ولو كان" ليس في "الاقتضاء".
(٢) "فصل" ليس في "الاقتضاء": (٢/ ٣٥٩)، وما بين المعكوفات لزيادة التوضيح.

<<  <   >  >>