للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومواقيت الحج ثلاثة؛ مكة والمدينة والطائف، فكانت اللات لأهل الطائف. قيل: إنه كان رجلًا صالحًا يَلُتُّ السويق للحجيج، فلما مات عكفوا على قبره مُدَّة، ثم اتخذوا تمثاله، ثم بنوا عليه بِنْيَة سَمَّوها: "بيت الربَّة" وقصتها معروفة، فلما بُعِثَ النبي -صلى الله عليه وسلم- هَدَمَها لما فُتِحت الطائف بعد مكة سنة تسعٍ (١).

وأما العُزَّى: فكانت لأهل مكة قريبًا من عرفات، وكانت هناك شجرة يذبحون عندها ويدعون، فبعثَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خالدَ بنَ الوليد عَقِب فتح مكة، فأزالها، وقسم النبي -صلى الله عليه وسلم- مالَها، وخرجت منه شيطانة ناشرة شعرها، فيئست العُزَّى أن تُعْبَد.

وأما مناة: فكانت لأهل المدينة من ناحية الساحل.

ومن أراد أن يعلم كيف كان حال المشركين في عبادة أوثانهم، ويعرف حقيقة الشركِ الذي ذمَّه اللهُ وأنواعه حتى يتبين له تأويل القرآن؛ فلينظر في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحوال العرب في زمانه، وما ذكره الأزرقي في "أخبار مكة" (٢) وغيره من العلماء.

ولما كان للمشرکين شجرة يعلقون عليها أسلحتهم ويسمُّونها: "ذات أنواط". فقال بعضُ الناس: يا رسول الله اجعل لنا ذاتَ أنواط ٍ كما لهم ذات أنواط. فقال: "الله أكبر، قلتم كما قال قومُ موسى: اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة، إنها السَّنَن لتركبنّ سَنَن من كَان قَبْلَكم" (٣). فأنكر


(١) انظر "السيرة النبوية": (٤/ ٥٤١).
(٢) (١/ ١١٦ - ١٢٥).
(٣) تقدم ص/ ٣٥.

<<  <   >  >>