للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن قال: "بَيْد" بمعنى غير؛ فقد أَبْعَد.

الوجه السابع: ما رُوِي عن أم سلمة أنها قالت: كان رسول الله يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: "إنَّهُما عِيْدٌ للمُشْرِكين فأنا أُحِبُّ أنْ أُخَالِفَهم" رواه أحمد والنسائي (١)، وصححه بعضُ الحفاظ (٢).

وهذا نصُّ في شَرْع مخالفتهم في عيدهم، وإن كان على طريق الاستحباب، وسنذكر حديث نهيه عن صوم يوم السبت، وتعليل ذلك -أيضًا- بمخالفتهم، ونذكر حكم صومه عند العلماء، وأنهم متفقون على شَرْع مخالفتهم في عيدهم، وإنما اختلفوا: هل مخالفتهم بالصوم، أو بالإهمال حتى لا يُقْصَد بصومٍ ولا فِطْر، أو يُفرَّق بين العيد العربي والعيد العجمي؟ على ما سنذكره إن شاء الله.

وأما الإجماع والآثار؛ فمن وجوه:

أحدها: ما تقدم التنبيه عليه، من أن اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية يفعلون أعيادهم التي لهم، والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائمٌ في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السابقين (٣) من المسلمين من يشركهم في شيءٍ من ذلك، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهةً ونهيًا، وإلا لوقع ذلك كثيرًا؛ إذ الفعل مع وجود مقتضيه وعدم مُنافِيه واقعٌ.


(١) أخرجه أحمد: (٦/ ٣٢٣)، والنسائي في "الكبرى" - كما في "التحفة": (١٣/ ٣٠).
(٢) لعله يقصد الحاكم؛ فقد أخرجه: (١/ ٤٣٦) وصححه. وفيه نظر.
(٣) تحتمل قراءتها: "السالفين" وهي في "الاقتضاء": (١/ ٥٠٩) كما أثبتُّ.

<<  <   >  >>