للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن كل قومٍ قد جعلوا لأنفسهم ... (١) وقبرًا لا يثقون بغيره، فلا يمكن موافقة الجميع؛ لأنه جَمْع بين الضدين، وموافقة بعض دون بعضٍ تحكُّم بلا مرجِّح، ومن المحال إصابتهم جميعًا؛ لأن كل فريق يُخطِّئ الفريقَ الآخر.

ثم قد استُجِيب لبلعام بن باعور في قوم موسى المؤمنين، فسَلَبه اللهُ الإيمان (٢)، والمشركون قد يَسْتسقون فيُسْقَون، ويَسْتنصرون فيُنْصَرون.

وأما الجواب المفصَّل فنقول: مدار هذه الشُّبهة على أصلين:

منقول: وهو ما يُحكى من فعل هذا الدعاء عن بعض الأعيان.

ومعقول: وهو ما يُعْتَقد من منفعته بالتجارب والأقْيِسَة.

أما النقل: فإما كذب، أو غلط، أو ليس بحجَّة، بل قد ذكرنا النقل عمن يُقْتَدي به بخلاف ذلك.

وأما المعقول: فعامَّة المذكور من المنافع كذب، فإن هولاء الذين يتحرون الدعاء إنما يُسْتَجاب لهم أحيانًا نادرًا، وأين هذا من الذين يتحرون الدعاء وقت الأسحار وفي سجودهم، وأدبار صلواتهم؛ وفي بيوت الله؟! فإن هؤلاء إذا ابتهلوا مثل ابتهال المَقَابريين لم تكد تسقط لهم دعوة إلا لمانع.

وجميع الأمور التي يُظن أن لها تأثيرًا في العالم وهي محرمة في


(١) كلمة لم تحرر ولعلها: "شيئًا".
(٢) انظر تفسير آية (١٧٥) من سورة الأعراف، "ابن كثير": (٢/ ٢٧٥)، وغيره.

<<  <   >  >>