للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضلالة. ويُرَاد بذلك: أن ما نهى عنه من ذلك فهو ضلالة. وهذا تعطيل للنصوص من نوع التحريف والإلحاد، ليس من نوع التأويل السَّائغ، وفيه من المفاسد أشياء:

أحدها: سقوط الاعتماد على هذا الحديث.

والثاني: أن وصف البدعة ومعناها يكون عديم التأثير، فتعليق (١) الحكم بهذا المعنى تعليقٌ بما لا تأثيرَ له ولا فائدةَ فيه.

الثالث: أن الخطاب بمثل هذا إذا لم يقصد إلا الوصف الآخر، وهو كونه منهيًّا عنه كتمانٌ لما يجب بيانُه، لمَّا لم يقصد ظاهره. فإن البدعةَ والنهيَ الخاصَّ بينهما عمومٌ وخصوصٌ؛ إذ ليس كل بدعة عنها نَهْيٌ خاصٌّ، وليس كل ما فيه نهيٌ خاص بدعة، فالتكلُّم بأحد الاسمين وإرادة الآخر تَلْبيس مَحْض لا يَسُوع التكلُّم به، فهو كما لو قيل: "الأسد" وأُريد الفرسُ، أو: "الفرس" وعُنِيَ به الأسدَ (٢).

الرابع: أنه إذا أراد بقوله: "كل محدثة بدعة" النهي عما نهى عنه، يكون قد أحالهم على ما لا يمكن الإحاطةُ به، ومثل هذا لا يجوز.

الخامس: إذا أُريد به ما فيه نهيٌ خاص، كان ذلك أقل مما ليس فيه نهي خاص من البدع، فإنك لو تأمَّلت البدعَ التي نَهى عنها بأعيانها، وما لم يَنْه عنها بأعيانها، وجدتَ هذا الضربَ هو الأكثر، واللفظُ العامُّ لا يجوز أن يُراد به الصور القليلة أو النادرة.


(١) في الأصل: فتعلق، والمثبت من أصله.
(٢) وقع في "الاقتضاء": "الأسود" في الموضعين!

<<  <   >  >>