الحمد لله ربّ العالمين، حمدًا يوافي نِعَمَه ويكافيء مَزيدَه، وأُصلِّي وأُسلِّم على أشرف الخلق ومقدَّم الرُّسْل: نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد؛ فإن الله -تعالى- أخَّر هذه الأمة المحمَّدية في الزمن، وقدمها في الخصائص والفضل، فجعلَها كما أخبر في كتابه المنزَّل:{خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١١٠].
* وللمُهَيْمِنِ في تأخيرها شأن *
فختم الشرائع بها، فأصبحت قاضيةً وحاكمةً وناسخةً ومُهَيْمِنةً على شرائع الله المنزلة قبلها: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)} [آل عمران: ٨٥].
وقد امتنَّ الله -تعالى- على هذه الأمة؛ فأرشدها وهداها إلى أحسن الطرقِ وأقومها، وأوضحِ السُّبُل وأجلاها، وجعلها على شريعةٍ من الأمر، وأكمل ذلك كله فقال -مُمْتنًّا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]. ثم أمر باتباع هذه الشريعة -الكاملة الناسخة- فقال:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[يوسف: ١٠٨].
ولأجل حِفْظ هذه الخصائص والميزات، جاءت خطاباتُ الشرع المتكاثرة في القرآن والسنة والآثار، بالحضِّ على تَمسُّك الأمة بدينها