للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قطعًا ما لا يجوز اعتقاده، أقل أحواله -إن لم يكن محرمًا- أن يكون مكروهًا، وهذا سارٍ في سائر البدع المحدَثة، فظهر أن فِعْل البدع يُناقض الاعتقادات الواجبة على الخَلْق، وينازع الرسول ما جاء به عن الله تعالى، ويورث القلبَ نفاقًا ولو كان خفيًّا.

فمن تدبَّر هذا علمَ ما في البدع من السموم المُضْعِفة للإيمان، ولهذا قيل: إن البدع مشتقة من الكفر، وهذا المعنى جار في كل البدع؛ كالصلاة عند القبور والذبح عند الأصنام، ونحو ذلك، وإن لم يكن الفاعل معتقدًا للمزيَّة، لكن نفس الفعل قد يكون مَظِنَّة للمزيَّة (١).

فصل (٢)

فلو قيل: هذا مُعَارَض بأن هذه المواسم قد فعلها قومٌ من أولي العلم والفضل الصديقين فمن دونهم، وفيها فوائد يجدها الإنسانُ في قلبه؛ من زوال آصار ذنوبه وإجابة دعوته، مع ما ينضمُّ إلى [ذلك] من العمومات الدالة على فضل الصلاة والصيام.

قيل: لا ريب أنَّ من فَعَلها متأوِّلًا مجتهدًا أو مقلِّدًا، فله أجرٌ على حُسْن قصده وعمله من حيث ما فيه من المشروع. وما فيه من المبْتَدَع مغفورٌ له إذا كان في اجتهاده أو تقليده من المعذورين.

وكذلك ما ذُكِر فيها من الفوائد كلها إنما حصلت لما اشتملت عليه من المشروع من جِنْسه، كالصوم والذكر والقراءة والركوع والسجود وحُسْن القصد في عبادة الله، وما اشتمل عليه من المكروه انتفي موجبه


(١) فكما أن إثبات الفضيلة الشرعية مقصود، فرفع الفضيلة غير الشرعية مقصود أيضًا.
(٢) "فصل" ليست في "الاقتضاء": (٢/ ١١٦).

<<  <   >  >>