للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باله لم يتوخَّ الدعاء إلا عنده؟! ثم قد تقدَّم (١) عن الشافعي قوله: "إني أكره تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها".

وإما أن يكون المنقول (٢) عن مجهول لا يُعرف، ونحن لو رُوِيَ لنا أحاديث -مثل هذه الحكايات- لما جاز لنا التمسُّك بها حتى يثبتَ النقلُ.

ومنها ما قد يكون صاحبه قد قاله باجتهاد، وفَعَلَه باجتهاد يُخطيء ويُصيب، أو قاله بقيود وشروط كثيرة، على وجهٍ لا محذور فيه، فَحُرِّفَ النقلُ [عنه].

ثم سائر هذه الحجج دائرة بين نقلٍ لا يجوز إثبات الشرع به، أو قياس لا يجوز استحباب العبادات بمثله، مع العلم بأن الرسول لم يشرعها. وإنما يُثبت العبادةَ بمثل هذه الحكايات النصارى وأمثالُهم، وإنما المتَّبَع في إثبات الأحكام كتابُ الله، والسنةُ، واتباعُ سبيل السالفين الأوَّلين.

والجوابُ المحقَّق عن ذلك من وجهين؛ مجملٌ ومفصَّل:

أما المُجْمَل: فالنقض بأن اليهود والنصارى عندهم من الحكايات من هذا النمط كثير، بل المشركون كانوا يدعون عند أوثانهم فيُسْتجاب لهم أحيانًا، كما قد يُسْتجاب لهؤلاء؛ بل في وقتنا هذا عند النصارى من هذا طائفة، فإن كان هذا وحدَه دليلٌ على أن الله يرضى ذلك ويحبه فليطَّرِد الدليلُ، وذلك كفر متناقض.


(١) ص/ ١٦٧.
(٢) يعني: من هذه الحكايات.

<<  <   >  >>