ابنُ أبي موسى: وكره أحمد أن يُؤجِّر المسلم نفسه لحمل ميتة أو خنزير لنصراني، وإن أجَّر نفسه لحمل محرَّم لمسلم كانت الكراهة أشدّ ويأخذ الكِراء.
وهل يطيبُ له أم لا؟ على وجهين، وغيرُ ممتنع أن يُقضي له بالكراء وإن كان مُحرَّمًا كإجارة الحجَّام، فقد صرَّح هؤلاء بأنه يستحقُّ الأجرة، مع كونها محرمة عليه على الصحيح.
الطريقة الثانية: تأويل هذه الرواية بما يخالف ظاهرها، وجَعْل المسألة رواية واحدة: أن الإجارة لا تصح، وهي طريقة القاضي في "المجرَّد"(١)، وهي ضعيفة رجع عنها القاضي.
الطريقة الثالثة: تخرج هذه المسألة على روايتين؛ إحداهما: أن هذه الإجارة صحيحة يستحق بها الأُجرة مع الكراهة للفعل وللأُجرة. والثانية: لا تصح ولا يستحق بها الأُجرة وإن حَمَل، على قياس قوله في الخمر لا يجوز إمساكها وتجب إراقتها.
قال في رواية أبي طالب -إذا أسلم وله خمر أو خنازير-: تُصَب الخمرُ وتُسَرَّح الخنازيرُ قد حَرُما عليه، وإن قتلها فلا بأس.
وهذا عند أصحابنا إذا استأجره ليحمل الخمر إلى بيته أو دكانه أو حيث لا يجوز إقرارها، سواء كان حَمْلها للشرب أو مطلقًا، أما إن كان حَمَلها ليريقها أو يحمل الميتة لينقلها إلى الصحراء، لئلا يتأذَّي الناسُ بريحها، فإنه يجوز الإجارة على ذلك؛ لأنه عملٌ مباح، لكن إذا كانت