للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملةِ بشروطه، وأما مبدؤها؛ فأقل أحواله أن يكون معصيةً، وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار ونحوه من علاماتهم؛ لأن تلك علامات وضْعِيَّة ليست من الدين، وإنما الغرضُ منها مجرَّد التميُّز بين المسلم والكافر.

وأما العيد وتوابعه، فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميَّزون به من أسباب سخط الله وعِقابه.

ولك أن تَنْظِم هذا قياسًا تمثيليًّا (١) فتقول: شريعة من شرائع الكفر، أو شعيرة من شعائره، فحرمت موافقتهم فيها كسائر شعائر الكفر وشرائعه، وإن كان هذا أبْيَن من القياس الجُزْئي (٢).

ثم كل ما يختص به من عبادة وعادة، إنما سببه كونه يومًا مخصوصًا، وإلا فلو كان كسائر الأيام لم يختص بشيءٍ، وتخصيصُه ليس من دينِ الإسلام في شيءٍ؛ بل کفر به.

الوجه الثاني: أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية الله؛ لأنه إما مُحْدَث وإما منسوخ. وما يتبع ذلك من التوسُّع في الطعام واللباس، والراحة واللعب، فهو تابع لذلك العيد الديني، كما أنه تابع له في دين الإسلام، فهو بمنزلة أن يتخذ بعضُ المسلمين عيدًا مبتدعًا يفعل فيه كما يفعله في العيد المشروع، ومثل من ينصب بِنْيَةً يُطاف بها ويُحَجُّ، ويصنع كذلك طعامًا ونحوه.


(١) هو: الاستدلال بحكم شيءٍ على آخر، من غير أن يكون أحدهما أعم من الآخر.
انظر "البحر المحيط": (٥/ ١٠)، و "مجموع الفتاوي": (٩/ ٢٥٩).
(٢) انظر "البحر المحيط": (٥/ ٧٢).

<<  <   >  >>