للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: أن ذلك لا يُفعل إن لم يؤمر به، وهو قول من لا يرى إثبات الأحكام بالمصالح المرسلة، وهؤلاء ضربان:

منهم من لا يُثْبِت الحكمَ إن لم يدخل في لفظ كلام الشارع أو فعله أو إقراره، وهم نُفَاةُ القياس، ومنهم من يُثبته بلفظ الشارع أو بمعناه، وهم القياسيون.

الوجه الثاني (١) -في ذم المواسم والأعياد المُحْدَثة-: ما تشتمل عليه من الفساد في الدين، وليس كلُّ أحدٍ يُدْرك فسادَ هذا النوع من البدع، لا سيما إذا كان من جنس العبادات المشروعةِ؛ بل أُولو الألباب هم يُدْركون بعضَ ما فيه من الفساد.

والواجبُ على الخَلْق اتباعُ الكتاب والسنة وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة، فنُنَبِّه على بعض مفاسدها، فمن ذلك:

أن من أحدث عملًا في يومٍ، كصوم أول خميس من رجب، وصلاة ليلة الجمعة، التي يُسَمُّونها: "صلاة الرغائب"، وما يتبع ذلك من إحداث أطعمةٍ وزينة، وتوسُّع في النفقة، فلا بُدَّ أن يتبع هذا العمل اعتقاد في القلب: أن هذا اليوم أفضلُ من غيره، وأن الصومَ فيه أفضلُ من أمثاله، وأن هذه الليلة أفضل من غيرها من الجُمَع؛ إذ لولا قيام ذلك لَمَا انبعثَ القلبُ لتخصيص هذه الليلة أو اليوم، إذ الترجيح من غير مرجِّح ممتنع (٢).


(١) انظر "الاقتضاء": (٢/ ١٠٦) وقد تقدم الوجه الأول (ص/ ١٣٢).
(٢) ثم فصل شيخ الإسلام في أن الشرع قد جاء بالاعتبار لهذا الحكم، ومضى على تأثيره، فهو من المعاني المناسبة المؤثرة، ثم تكلم بكلامٍ نفيس حول العلل المؤثرة =

<<  <   >  >>