للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الحكاية لا يثبتُ بها حكم شرعيّ، لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان سُنة لكان السابقون إليه أسْبَق وبه أعلم.

فصلٌ (١)

لو أُقْسِمَ على الله ببعض خلقه من الأنبياء والملائكة وغيرهم؛ لنُهِىَ عن ذلك، كما لا يُقْسَم بمخلوق مطلقًا، وهذا القسم منهيٌّ عنه غير مُنْعَقِد باتفاق، ولم يتنازعوا إلا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة، فإن فيه قولين في مذهب أحمد، وبعضُ أصحابه كابن عقيل طَرَدَ الخلافَ في سائر الأنبياء، والذي عليه الجمهور؛ کمالك والشافعي وأبي حنيفة: أنه لا تنعقد اليمينُ بمخلوق أَلْبته ولا يُقْسَم به، وهذا هو الصواب.

والإقسام على الله بنبيِّه صلى الله عليه وسلم مبنيٌّ على هذا الأصل، ففيه هذا النزاع، وقد نُقِل عن أحمد في التوسُّل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في "منسك المرُّوذي" ما يُناسبُ قولَه بانعقاد اليمين به؛ لكن الصحيح: أنه لا تنعقد اليمينُ به، فكذلك هذا.

وأما غيره؛ فما علمتُ فيه نزاعًا، واتفقوا على أنه -سبحانه- يُسأل ويُقْسَم عليه بأسمائه وصفاته كما يُقْسَم على غيره بذلك، كالأدعية المعروفة في "السنن": "اللهم إنِّي أسْألُكَ بأنّ لك الحمد، أنتَ اللهُ المنَّانُ، بديع السماواتِ والأرض يا ذا الجلالِ والإكرام" (٢)، وأما إذا


(١) "فصل" ليس في "الاقتضاء": (٢/ ٣٠٥).
(٢) أخرجه ابن ماجه رقم (٣٨٥٨)، وأحمد في "مسنده": (١٩/ ٢٣٨ رقم ١٢٢٠٥)، والحاكم: (١/ ٥٠٤) وغيرهم من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-. وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>