للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غرضُ صاحبه، ولا يؤثِّر إلا في الأمور الحقيرة، أما الأمور العظيمة كإنزال المطر وكشف العذاب؛ فلا ينفع فيه هذا الشرك، كما قال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٦٧]، {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦)} [الإسراء: ٥٦].

فلما كان هذه المواضع (١) العظيمة لا يستجيب فيها إلا هو؛ دلَّ على توحيده، وقطع شُبَهِ من أشرك به، وعلم أن ما دون هذا -أيضًا- من الإجابات إنما فَعَلَها هو -سبحانه- وإن كانت تجري بأسبابٍ محرمة أو مباحة، كما أن خلقه للسماء والأرض ونحوهما من الأجسام العظيمة، دل على وحدانيته، وأنه خالق لكل شيءٍ.

فصلٌ (٢) [في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وبعض ما أُحدث فيها]

قال الإمام أحمد وغيره: إنه يستقبل القبلة بعد تحية النبي صلى الله عليه وسلم ويجعل الحجرة على يساره لئلا يستدبره، ويدعو لنفسه، وأنه إذا حيَّاه وسلَّم عليه يكون مستقبلًا له بوجهه -بأبي هو وأُمي -صلى الله عليه وسلم--، فإذا أراد الدعاء؛ جعل الحجرة عن يساره واستقبل القبلة، وهذا مراعاةً منهم لحفظ التوحيد، فإن الدعاء عند القبر لا يُكره مطلقًا، بل يُؤمر به تَبَعًا وضمنًا كما جاءت به السنة، وإنما المكروه التحرِّي.

وهذا أمر مستمر، فإنه لا يُستحبُّ للداعي أن يستقبل إلا ما يُسْتحب أن يصلي إليه، فلما نهى عن الصلاة إلى جهة الشرق، نهى أن يتحرَّي


(١) في "الاقتضاء": "المطالب".
(٢) "فصل" ليست في "الاقتضاء": (٢/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>