للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المعارضات فالجوابُ عنها بأحدِ جوابَيْن:

إما أن يُقال: إن ما ثبتَ حُسْنه فليس من البدع، فيبقى العموم محفوظًا لا خصوصَ فيه، [وإما أن يقال: ما ثبت حُسنه فهو مخصوص، والعام المخصوص دليل فيما عدا صورة التخصيص] (١) فمن اعتقد أن بعضَ البدع مخصوص احتاج إلى دليلٍ يخصُّ به ذلك، وإلا كان العمومُ موجِبًا للنهي.

ثم إن المخصِّص لا يجوز أن يكون عادةَ بعض البلاد أو بعض الناس، بل إنما يكون من الكتابِ أو السنة أو الإجماع من الأدلة الشرعية، لا قول بعض العلماء أو العُبَّاد ونحو ذلك، فلا يُعَارض به قولُ سيِّد الخلْق إمام المتقين رسول ربِّ العالمين -صلى الله عليه وسلم-.

ومن اعتقد أن أكثر هذه العادات المخالفة للسنة مُجْمَعٌ عليها، بناءً على أن الأمة أقرَّتها ولم تنكرها؛ فهو مُخطئ، فإنه لم يزل ولا يزال في كلِّ وقتٍ من ينهى عن عامة العادات المحدَثة المخالفة للسنة.

ولا يجوز حملُ قوله: "كل بدعة ضلالة" على البدع التي نهى عنها بخصوصها؛ لأنه تعطيل لفائدة الحديث، فإن ما نهى عنه من الكُفْر والفسوق قد عُلِمَ بذلك النهي أنه قبيحٌ محرَّم، سواء كان بدعةً أو لم يكن بدعة، فإذا كان لا منكر إلا ما نهى عنه بخصوصه سواء كان مفعولًا على عهده أو لم يكن، صار وصف البدعة عديم التأثير، لا يدلُّ وجودُه على القُبْح ولا عدمُه على الحُسْن، بل يكون قوله: "كل بدعةٍ ضلالة" بمنزلةِ قوله: كل عادةٍ ضلالة، أو: كل ما عليه العربُ أو العجم فهو


(١) زيادة من "الاقتضاء" ليتم الكلام.

<<  <   >  >>