للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه قاعدة دلّت عليها السنةُ والكتابُ والإجماعُ، مثل قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١]، ونحو ذلك كثير في الكتاب.

وليعلم أن هذه القاعدة، وهي الاستدلالُ بكون الشيء بدعةً على کراهته، قاعدةٌ عامة عظيمة، وتمامُها بالجوابِ عما يُعارضها.

وذلك أن من الناس من يقول: البدع تنقسم إلى قسمين: حسنة وقبيحة، بدليل قول عمر -رضي الله عنه- في صلاة التراويح: "نِعْمَت البِدْعَةُ هذه" (١)، وبدليل أشياء من الأقوال والأفعال أُحْدِثت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليست مكروهة، بل قد تكون حسنة للأدلَّة الدالة على ذلك من الإجماع والقياس.

[فمن حجج المعارضين أن يقولوا]:

* فإذا ثبت أن بعض البدع حَسَنة، فالقبيح ما نهى عنه الشارع، وما سكت عنه من البدع فليس بقبيح، بل قد يكون حَسَنًا، فهذا مما يقوله بعضهم.

* وقد يقال: هذه البدعةُ حسنة؛ لأن فيها من المصلحة كَيْت وكَيْت، وهؤلاء المعارضون يقولون: ليست كل بدعة ضلالة.

والجوابُ عن قولهم هو: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد نصَّ على أنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالة وكل [ضلالة] (٢) في النار، وشر الأمور محدثاتُها، فلا يحلّ لأحدٍ أن يدفعَ دلالة ذلك على ذمِّ البدع، ومن دفعَ ذلك فهو مُرَاغِم.


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٠١٠). وفي بعض الروايات: "نِعْم".
(٢) في الأصل: "بدعة" وهو سبق قلم.

<<  <   >  >>