للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس له حدٌّ واحد من السنة الشمسية، كالخميس الذي في أول نيسان، بل يدور في نحو ثلاثة وثلاثين يومًا، لا يتقدم أوله ثاني شباط (١)، ولا يتأخر أوله عن ثامن آذار، بل يبتدئون بالاثنين الذي هو أقرب إلى اجتماع الشمس والقمر في هذه المدة، زعموا أنهم يراعون التوقيت الشمسي والهلالي، وكلُّ ذلك بدع أحدثوها باتفاقٍ منهم، خالفوا بها الشريعة التي جاءت بها الأنبياء، فإن الأنبياء وقَّتوا العبادات بالهلال.

ويلي هذا الخميس يوم الجمعة، جعلوه بإزاء يوم الجمعة التي صُلِب فيه المسيح على زعمهم الكاذب، يسمُّونها: "جمعة الصلبوت"، ويليه ليلة السبت يسمُّونها: "ليلة النور" و "سَبْت النور"، يزعمون أن المسيح كان فيها في القبر، ويصطنعون مَخْرَقةً يروِّجونها على عامَّتهم، يخيلون إليهم أن النور ينزل من السماء في كنيسة القمامة (٢) بالقدس، حتى يحملوا ما يوقد من ذلك إلى بلادهم متبرِّکين به، وقد علمَ كلُّ عاقل أنهم يصنعون ذلك وأنه مُفْتَعل.

ثم يوم الأحد يزعمون أن المسيح قام فيه، ثم الأحد الذي يلي هذا يسمونه: "الأحد الحديث"، يلبسون فيه الجُدُدَ من ثيابهم.

وهم يصومون عن الدَّسَم ويفطرون على ما يخرج من الحيوان؛ من لبنٍ أو بيض، ويفعلون أشياء لا تنضبط؛ ولهذا تجد نقل العلماء لمقالاتهم وشرائعهم يختلف وعامته صحيح، وذلك أن القوم يزعمون أن ما وضعه رؤساؤهم من الأحبار والرهبان: أنه من الدين ويلزمهم


(١) في "الأصل": "اسباط" والمثبت من "الاقتضاء".
(٢) هي أعظم كنائسهم ببيت المقدس، انظر "معجم البلدان": (٤/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>