مشابهتهم للكفار بأن يعلقوا على شجرة، فكيف بما هو أطم من مشابهتهم في نفس الشرك؟!
فمن قَصَد بقعةً يقصد الخير فيها، ولم تستحب الشريعةُ ذلك؛ فهو من المنكرات، وبعضه أشد من بعض، سواءٌ كانت البقعة شجرة، أو عين ماء، أو قناة جارية، أو جبلًا، أو مغارة، وسواءٌ قَصَدَها ليصلي فيها، أو ليدعو، أو ليقرأ عندها، أو ليذكر، أو ليتنسَّك، بحيث يخص البقعة بنوعٍ من العبادة التي يُشْرَع تخصيص تلك البقعة به لا عينًا ولا نوعًا.
وأقبح من ذلك أن ينذر لتلك البقعة دهنًا لتُنَوَّر [به]، ويقال: إنها تقبل النذر -كما يقوله بعض الضالين- فإن هذا نذرُ معصيةٍ باتفاق العلماء، لا يجوز الوفاء به، بل عليه كفارة يمين عند كثير من أهل العلم، منهم أحمد في المشهور عنه.
وكذلك إذا نذر طعامًا للحيتان التي في العين، أو نذر مالًا للسَّدَنة والمجاورين العاكفين بتلك البقعة، فإن هولاء يشبهون سَدَنة اللات والعُزَّى ومناة، يأكلون أموال الناس بالباطل، فيهم شَبَه من العاكفين الذين قال لهم إبراهيم: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢)} [الأنبياء: ٥٢]، وكالذين اجتاز بهم موسى وقومُه في قوله:{فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ}[الأعراف: ١٣٨].
ثم إذا صُرف هذا المال في جنس تلك العبادة من المشروع، مثل عمارة المساجد، والصالحين من فقراء المسلمين؛ كان حَسَنًا. فهذه الأمكنة منها ما يُظن أنه قبر نبي أو رجلٍ صالح، وليس كذلك، أو يُظن أنه مقام له وليس كذلك، فأما ما كان قبرًا أو مقامًا؛ فهو من النوع