للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كحكمه في أرض العُشْر المَحْض؛ إذ جميع الأرض عُشْرية عندنا وعند الجمهور، بمعنى أن العُشْر يجب فيما أخْرَجَت.

وكذلك الأرض المَوَات من أرض الإسلام التي ليست خراجيَّة؛ هل للذمي أن يتملَّكَها بالإحياء، فيه قولان للعلماء، هما في المذهب. قيل: ليس له ذلك، وهو قول الشافعي وابن حامد، وهو قياس إحدى الروايتين عن أحمد في منعه ابتياعها.

ثم هل عليه عُشر؟ فيه روايتان، قال ابنُ أبي موسى: ومن أحيا من أهل الذمة أرضًا فهي له، ولا زكاة عليه فيها ولا عُشر، وقد رُوِيَ عنه رواية أخرى: أنه لا خراج على أهل الذمة، ويؤخذ منهم العُشر يُضَاعَف عليهم، والأول عنه أظهر.

فهذا الذي حكاه ابنُ أبي موسى من تضعيف العُشر فيما يملكه بالإحياء، هو قياس تضعيفه فيما يملكه بالابتياع؛ لكن نقل حَرْبٌ عنه في رجلٍ من أهل الذمة أحيا أرضًا قال: "هو عُشْر". ففهم القاضي وغيرُه من الأصحاب أن الواجب هو العُشر المأخوذ من المسلم، فحكوا في وجوب العُشر فيها روايتين، وابنُ أبي موسى نقل الروايتين في وجوب عُشر مضعَّف.

وعلى طريقة القاضي يُخَرَّج في مسألة الابتياع كذلك، والذي نقله ابنُ أبي موسى أصحُّ، فإن أحمد سُئل عن إحياء الذمي الأرضَ؟ فأجاب: بأنه ليس عليه شيءٌ، وذكر اختلاف الفقهاء في مسألة اشترائه الأرض هل يمنع أو يضعَّف عليه العُشر، وهذا يبين لك أن المسألتين عنده واحدة، وهو تمليك الذمي الأرض العشرية، سواء كان بابتياعٍ أو إحياء أو غير ذلك.

<<  <   >  >>