للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ممن فعلها، فليسوا دونهم، ولو كانوا دونهم، فقد تنازع فيها أولو العلم، فيجب ردُّها إلى الله والرسول، وكتابُ الله وسنةُ رسوله مع من ترکها بلا شكٍّ، لا مع من رخَّص فيها، ثم عامة المتقدمين الذين هم أفضل من المتأخرين مع من تَرَكَها.

وما فيها من المفاسد التي تستغني بها القلوب عن كثير من السنن، حتى تجد كثيرًا من العامة قد يحافظ عليها ما لا يحافظ على التراويح والصلوات الخمس، وتنقص بِسَببها عنايتهم بالفرائض، وغير ذلك = يُعَارِض ما فيها من المنفعة، فإن فيها -أيضًا- من مصير المعروف منكرًا أو المنكر معروفًا، وجهالة أكثر الناس بدين المرسلين، وانتشار البدع، ومُسَارقة الطَبْع، إلى الانحلال من ربقة الاتباع، وفوات سلوك الصراط المستقيم.

وذلك أن النفس فيها نوعٌ من الكبر، فتُحِبُّ أن تخرج عن العبودية والاتباع بحسب الإمكان، كما قال أبو عثمان النيسابوري (١) : "ما ترك أحدٌ شيئًا من السنة إلا لكبرٍ في نفسِه"، ثم هذا مظنة لغيره (٢) ، فينسلخ القلبُ عن حقيقة اتباع الرسول، ويصير فيه من الكبر وضعف الإيمان ما يُفْسِد عليه دينه أو يكاد، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا يدركها إلا من استنارت بصيرتُه وسلمت سريرتُه، حتى إن متتبعها يصير في غايةٍ من الجهالة. قد ضلَّ سعيُهم وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعًا، وهذا كلُّه مقرر في غير هذا الموضع.


(١) هو: إسماعيل بن عبد الرحمن أبو عثمان الصابوني، صاحب العقيدة المشهورة، ت (٤٤٩) "السير": (١٨/ ٤٠).
(٢) يعني من البدع والفساد.

<<  <   >  >>