للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم فيه -أيضًا- مضاهاةٌ للحج إلى المسجد الحرام، وتشبيهُه بالكعبة، وقد أفضى الأمر إلى ما لا يشكُّ مسلم أنه شريعة أخرى غير شريعة الإسلام، وهو ما قد يفعله بعض الضُلَّال من الطواف بالصخرة، أو حَلْق الرأس هناك، أو قصد النُّسك هناك.

وما يفعله بعضُ الجهَّالُ من الطواف بالقُبة التي بجبل الرحمة بعرفة.

وأما الاجتماع في هذا الموسم لإنشاد الغناء أو ضَرْبٍ بالدفِّ بالمسجد الأقصى ونحوه؛ فمن أقبح المنكرات من جهاتٍ أُخرى.

وأما قَصْد الرجل مسجدَ بلدِه يوم عرفة للدعاء والذكر؛ فهذا هو التعريف في الأمصار، فقد اختلف فيه العلماء؛ ففعله ابنُ عباس وعَمْرو ابن حُرَيث، ورخَّص فيه أحمد وإن كان مع ذلك لا يستحبُّه، هذا المشهور عنه، وكرهه طائفة من الكوفيين [والمدنيين] (١) ؛ كأبي حنيفة ومالك وغيره.

والفرق بين هذا التعريف وذلك التعريف المنهيِّ عنه: هو أن ذلك قَصْد موضعٍ بعينه، مثل قبرٍ أو غيره يُشَبَّه بعرفات، بخلاف مسجد المِصْر، فإنه قَصَد له بنوعه لا بعينه، وأيضًا: فإن المكان المعيَّن قد يحصل شدُّ رحلٍ إليه، واتخاذ القبر عيدًا، وهذا بنفسه محرَّم.

وأما ضرب البوقات والطبول فإنه مكروه في العيد وغيره، وكذلك لباس الحرير.


(١) زيادة من "الاقتضاء" ليتسق الكلام، لأنه ذكر أبا حنيفة وهو کوفي، وذكر مالكًا وهو مدني.

<<  <   >  >>