وما أشبه هذه الأمكنة بمسجد ضرار، فإن هذه المشاهد إنما وُضِعَت مضاهاةً لبيوت الله، وتعظيمًا لما لم يُعظِّمْه الله، وعكوفًا على أشياء لا تنفع، وصدًّا للخلق عن سبيل الله، وهي عبادته وحده لا شريك له بما شرعه.
ويلتحق بهذا الضرب -وإن لم يكن منه- مواضع يُدَّعَى لها خصائص لا تَثْبُت، مثل كثير من القبور التي يقال: إنها قبر نبي أو قبر صالح، أو مقام نبي أو صالح، ونحو ذلك، وقد يكون ذلك صدقًا، وقد يكون كذبًا، وأكثر المشاهد التي على وجه الأرض من هذا الضرب، فإن الصحيحَ من ذلك قليل جدًّا.
وقال غيرُ واحدٍ من أهل العلم: لم يثبت إلا قبر نبينا -صلى الله عليه وسلم-. وغيرُه يُثْبِت قبرَ إبراهيم الخليل، وقد يكون عُلِمَ أن القبرَ في تلك الناحية؛ لكن يقع الشكُّ في عينه، ككثير من قبور الصحابة التي "بباب الصغير" من دمشق، فإن الأرض غُيِّرت، فتعيينُ قبرٍ بعينه أنه قبر بلالٍ أو غيره لا يكاد يَثْبت إلا من طريق خاصة. وإن كان لو ثبت ذلك لم يتعلَّق به حكمٌ شرعي مما قد أُحْدِثَ عندها؛ إذ لو كان ضبط هذه الأمكنة من الدين لما أُهْمِل ولما ضاع عن الأمة المحفوظ دينها المعصومة عن الخطأ.
وأكثر الحكايات إنما توجد من السَّدَنة والمجاورين، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، وقد يُحْكَي ماله تأثيرٌ، مثل: أن رجلًا دعا عند قبرٍ فاستُجِيبَ له، أو نَذَر لمكانٍ فقُضِيت حاجتُه، ونحو ذلك، وبمثل هذه الأمور عُبِدَت الأصنام، فإن القوم كانوا -أحيانًا- يُخَاطَبُون من الأوثان، وربما تُقْضَي حوائجهم إذا قصدوها، وكذلك يجري لأهل