للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحفر ثلاثة عشر قبرًا متفرقة ودُفِنَ في أحدها ليلًا، وسوَّوا القبور كلَّها؛ لئلا يفتتن به الناس، فأنكر الصحابةُ ذلك وعَمَّوا قبره (١) ، فهذا فِعْل الصحابة المهاجرين والأنصار.

ومن تأمل كتب الآثار وعَرَف حال السلف، عَلِم قطعًا أن القومَ ما كانوا يستغيثون عند القبور ولا يتحرون الدعاء عندها؛ بل ينهون عن ذلك جهالهم.

فإن قيل: فقد نُقِل عن بعضهم أنه قال: قبر مَعْروفٍ الترياقُ الأكبر (٢) المجرَّب، وأن معروفًا أوصى ابن أخيه أن يدعو عند قبره، وأن بعض من هَجَره أحمدُ ابن حنبل، كان يأتي إلى قبر أحمد ويتوخَّي الدعاءَ عنده، ورُوِي عن جماعاتٍ أنهم دعوا عند قبر جماعات من الأنبياء والصالحين من أهل البيت وغيرهم فاستجيب لهم.

وذكرَ علماءُ من المصنفين في المناسك: إذا زار قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو عنده، وأن من صلى عليه سبعين مرة عند قبره ودعا استجيب له، ورأى بعضُهم منامات في الدعاء عند قبر بعض الأشياخ، وجرَّب (٣) أقوامٌ استجابة الدعاء عند القبر، وأدركنا من ذوي الفضل علمًا وعملًا من يتحرى الدعاءَ عندها والعكوفَ عليها، وفيهم من لهم كرامات وعِلْم، فكيف يُخَالَف هؤلاء؟!


(١) أخرجها ابن إسحاق -كما في "الاقتضاء": ٢/ ١٩٩ - وابن جرير في "تاريخه": (٤/ ٩٢)، وانظر "البداية والنهاية": (١٠/ ٦٥).
(٢) "الأكبر" ليست في "الاقتضاء"، ومعروفٌ هو الكَرْخي الزاهد المشهور.
(٣) بالأصل: "وجرب ذلك"! وحذفها هو الصواب.

<<  <   >  >>