وكثيرٌ من أتباعِ المتعبِّدةِ يُطيعُ بعضَ المعظَّمين عنده في كلِّ ما يأمر به، وإن تضمَّن تحليل حرامٍ أو تحريم حلالٍ.
وقال:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ}[الحديد: ٢٧]، وقد ابتُلي طوائف من المسلمين من الرهبانية المبتدَعَة بما الله به عليم.
وقال تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (٢١)} [الكهف: ٢١]، فكان الضالون، بل المغضوب عليهم، يبنون المساجدَ على قبور الأنبياء والصالحين، كما نهى -صلى الله عليه وسلم- أُمَّتَه عن ذلك في غير موطن، حتى في وقت مفارقته الدنيا -بأبي هو وأمي-. ثم إن هذا قد ابْتُلي به كثير من الأمة.
ثم إن الضالين تجد عامة دينهم إنما يقوم بالأصوات المطربة، والصور الجميلة، فلا يهتمون بأمر دينهم بأكثر من تلحين الأصوات، ثم قد ابتُلِيت هذه الأمة من اتخاذ السَّماع المطرب: سماع القصائد، وإصلاح القلوب والأحوال به، ما فيه مضاهاة لبعض حال الضالين.
وقال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}[البقرة: ١١٣]،، فأخبر أن كلَّ واحدةٍ من الأمتين تجحد كلَّ ما الأخرى عليه، وأنتَ تجد كثيرًا من المتفقِّهة إذا رأى المتصوِّفة أو المتعبِّدةِ لا يراهم شيئًا ولا يَعُدُّهم إلا جُهَّالًا ضُلًّالًا، ولا يعتقد في طريقتهم من الهدي شيئًا، وترى كثيرًا من المتصوِّفة والمتفقِّرة لا يرى الشريعةَ ولا العلم شيئًا، بل يرى أن المتمسِّك بها منقطعٌ عن الله.