أي وفي رواية: أحضرت الصحيفة والدواة ليكتب عثمان بن عفان رضي الله عنه الصلح. فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوقع الصلح على ذلك، بعث إلى سعد ابن معاذ وسعد بن عبادة رضي الله عنهما، فذكر لهما ذلك واستشارهما فيه، فقالا: يا رسول الله أمرا تحبه فتصنعه، أم شيئا أمرك الله به لا بدّ لنا من العمل به، أم شيئا تصنعه لنا؟ أي وفي لفظ: إن كان أمرا من السماء فامض له، وإن كان أمرا لم تؤمر به ولك فيه هوى فسمع وطاعة، وإن كان إنما هو الرأي، فما لهم عندنا إلا السيف.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أمرني الله ما شاورتكما، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر شوكتهم إلى أمرّ ما. فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم:
أي غطفان على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة إلا قرى أو بيعا، أي وإن كانوا ليأكلون العلهز في الجاهلية من الجهد، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نقطعهم أموالنا. أي وفي لفظ: نعطي الدنية ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنت وذاك. فأخذ سعد الصحيفة فمحى ما فيها من الكتابة. أي وهذا إنما يناسب الرواية الأولى، وكذا ما جاء في لفظ. «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شق الكتاب، فشقه سعد، وقال لعيينة والحارث: ارجعا بيننا وبينكم السيف رافعا صوته. ثم قال لسعد ليجهدوا علينا» .
ثم إن طائفة من المشركين أقبلوا: أي وأكرهوا خيولهم على اقتحام الخندق من مضيق به وفيهم عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه، فإنه أسلم بعد ذلك. وفيهم هبيرة بن أبي وهب أي وهو زوج أم هانىء أخت علي كرم الله وجهه رضي الله عنها، وأبو أولادها، مات على كفره. وضرار بن الخطاب وعمرو بن عبدود. أي قيل ونوفل بن عبد الله، وكان عمرو بن عبدود عمره إذ ذاك تسعين سنة، فقال: من يبارز، فقام علي كرم الله وجهه وقال: أنا له يا نبي الله. فقال صلى الله عليه وسلم له اجلس إنه عمرو بن عبدود. ثم كرر عمرو النداء وجعل يوبخ المسلمين ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها أفلا تبرزنّ لي رجلا وأنشد أبياتا منها
ولقد بححت من الندا ... ء يجمعكم هل من مبارز
إن الشجاعة في الفتى ... والجود من خير الغرائز
فقام علي كرم الله وجهه، فقال: أنا له يا رسول الله، فقال: اجلس إنه عمرو بن عبدود. ثم نادى الثالثة، فقام علي كرم الله وجهه فقال: أنا له يا رسول الله، فقال:
إنه عمرو فقال وإن كان عمرا، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنشد سيدنا عليّ أبياتا منها: