إنفاقه، وقوله: المسيء لا يظن في الناس إلا سوآ لأنه يراهم بعين طبعه. ومما قيل في جعفر من المدح قول الشاعر:
تروم الملوك ندى جعفر ... ولا يصنعون كما يصنع
وليس بأوسعهم في الغنى ... ولكن معروفه أوسع
وخمدت نار فارس أي مع إيقاد خدامها لها: أي كتب له صاحب فارس: إن بيوت النار خمدت تلك الليلة ولم تخمد قبل ذلك بألف عام. وغاضت أي غارت بحيرة ساوة أي بحيث صارت يابسة كأن لم يكن بها شيء من الماء مع شدة اتساعها: أي كتب له بذلك عامله باليمن، وإلى هذا يشير صاحب الأصل بقوله:
لمولده إيوان كسرى تشققت ... مبانيه وانحطت عليه شؤونه
لمولده خرت على شرفاته ... فلا شرف للفرس يبقى حصينه
لمولده نيران فارس أخمدت ... فنورهم إخماده كان حينه
لمولده غاضت بحيرة ساوة ... وأعقب ذاك المدّ جور يشينه
كأن لم يكن بالأمس ريا لناهل ... ووردا لعين المستهام معينه
وإلى ذلك أيضا يشير صاحب الهمزية رحمه الله بقوله:
وتداعى إيوان كسرى ولولا ... آية منك ما تداعى البناء
وغدا كل بيت نار وفيه ... كربة من خمودها وبلاء
وعيون للفرس غارت فهل كا ... ن لنيرانهم بها إطفاء
أي ومن العجائب التي ظهرت ليلة ولادته صلى الله عليه وسلم انهدام إيوان كسرى أنو شروان الذي كان يجلس به مع أرباب مملكته، وكان من أعاجيب الدنيا سعة وبناء وإحكاما، ولولا وجود علامة صادرة عنك إلى الوجود ما تهدّم هذا البناء العجيب الإحكام.
ومن ذلك أيضا أنه صار تلك الليلة كل واحد من بيوت نار فارس التي كانوا يعبدونها خامدة نيرانه والحال أن في ذلك البيت غما وبلاء عظيما من أجل سكون لهب تلك النيران التي كانوا يعبدونها في وقت واحد.
ومن ذلك أيضا غور ماء عيون الفرس في الأرض حتى لم يبق منها قطرة.
وحينئذ يستفهم توبيخا وتقريعا لهم، فيقال: هل تلك المياه التي غارت كان بها إطفاء لتلك النيران؟ ويقال في جوابه، لا بل إطفاؤها إنما هو لوجود هذا النبي العظيم وظهوره.
ورأى الموبذان: أي القاضي الكبير. وفي كلام ابن المحدث، هو خادم النار