للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند موت سطيح نهض عبد المسيح إلى راحلته وهو يقول شعرا منه:

شمر فإنك ماضي العزم شمير ... ولا يغرنك تفريق وتغيير

والناس أولاد علات فمن علموا ... أن قد أقل فمحقور ومهجور

وهم بنو الأم أما إن رأوا نشبا ... فذاك بالغيب محفوظ ومنصور

والخير والشر مقرونان في قرن ... فالخير متبع والشر محذور

فلما قدم عبد المسيح على كسرى وأخبره بما قاله سطيح، قال له كسرى: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا كانت أمور وأمور، فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله عنه: أي فقد ذكر أن آخر من هلك منهم كان في أول خلافة عثمان رضي الله عنه.

أي وكانت مدة ملكهم ثلاثة آلاف سنة ومائة سنة وأربعا وستين سنة.

ومن ملوك بني ساسان سابورذ والأكتاف، قيل له ذلك، لأنه كان يخلع أكتاف من ظفر به من العرب. ولما جاء لمنازل بني تميم وجدهم فروا منه ومن جيشه، ووجد بها عمير بن تميم وهو ابن ثلاثمائة سنة، وكان معلقا في قفة لعدم قدرته على الجلوس، فأخذ وجيء به إليه، فاستنطقه فوجد عنده أدبا ومعرفة، فقال للملك: أيها الملك لم تفعل فعلك هذا بالعرب؟ فقال: يزعمون أن ملكنا يصير إليهم على يد نبي يبعث في آخر الزمان فقال له عمير: فأين حلم الملوك وعقلهم؟ إن يكن هذا الأمر باطلا فلن يضرك، وإن يكن حقا ألفوك ولم تتخذ عندهم يدا يكافئونك عليها ويعظمونك بها في دولتك، فانصرف سابور وترك تعرضه للعرب، وأحسن إليهم بعد ذلك.

وقول سطيح يملك منهم ملوك وملكات، لم أقف على أنه ملك منهم من النساء إلا واحدة وهي بوران ولما بلغه صلى الله عليه وسلم ذلك قال: «لا يفلح قوم ملكتهم امرأة» فملكت سنة ثم هلكت.

وذكر ابن إسحق رحمه الله أن أمه صلى الله عليه وسلم لما ولدته أرسلت خلف جده عبد المطلب إنه قد ولد لك غلام فانظر إليه، فأتاه ونظر إليه وحدثته بما رأته، فأخذه عبد المطلب ودخل به الكعبة: أي وقام يدعو الله: أي وأهله يؤمنون ويشكر له ما أعطاه.

ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها، وقد تقدم الوعد بذلك وتقدم ما فيه.

قال وتكلم صلى الله عليه وسلم في المهد في أوائل ولادته. وأول كلام تكلم به أن قال: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا اهـ.

أقول: وتقدم أنه قال حين ولد: جلال ربي الرفيع، كما أورده السهيلي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>