للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقدي وروي أنه تكلم حين خروجه من بطن أمه، فقال: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

ولا مانع من تكرر ذلك حين خروجه وحين وضعه في المهد وأنه زاد في المرة الثالثة وسبحان الله بكرة وأصيلا، وحينئذ يكون تكلمه حين خروجه من بطن أمه لم يشاركه فيه غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلا الخليل وإلا نوح كما سيأتي، بخلاف تكلمه في المهد.

على أنه سيأتي أنه يجوز أن يكون المراد بالتكلم في المهد التكلم في غير أوان الكلام ويقال: إنه قال ذلك عند فطامه، وتقدم أنه قال: الحمد لله لما عطس على الاحتمال الذي أبداه بعضهم كما تقدم بما فيه.

ولا مانع من وجود هذه الأمور الثلاثة التي هي: جلال ربي الرفيع، والله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا حين ولادته، وعلم ترتيبها يتوقف على نقل، وحينئذ تكون الأولية في الواقعة في بعض ذلك إما حقيقية أو إضافية.

وقدمنا أن الأولية في قوله جلال ربي الرفيع بالنسبة لقوله: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا إضافية.

قال وقد تكلم جماعة في المهد نظمهم الجلال السيوطي رحمه الله تعالى في قوله:

تكلم في المهد النبي محمد ... ويحيى وعيسى والخليل ومريم

ومبري جريج ثم شاهد يوسف ... وطفل لدى الأخدود يرويه مسلم

وطفل عليه مر بالأمة التي ... يقال لها تزني ولا تتكلم

وما شطة في عهد فرعون طفلها ... وفي زمن الهادي المبارك يختم

اهـ.

قال بعضهم لكن هو صلى الله عليه وسلم حصر من تكلم في المهد في ثلاثة ولم يذكر نفسه، أي فقد روي عن أبي هريرة مرفوعا «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى وصاحب جريج، وابن المرأة التي مر عليها بامرأة يقال لها إنها زنت» وقد يقال: هذا الحصر إضافي أي ثلاثة من بني إسرائيل، أو أن ذلك كان قبل أن يعلم مما زاد.

وذكر أن عيسى عليه الصلاة والسلام تكلم في المهد وهو ابن ليلة. وقيل وهو ابن أربعين يوما أشار بسبابته وقال بصوت رفيع إني عبد الله لما مر بنو إسرائيل على مريم عليها السلام وهي حاملة له صلى الله عليه وسلم وأنكروا عليها ذلك، وأشارت إليهم أن كلموه وضربوا بأيديهم على وجوههم تعجبا وقالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>