يجيء بالسمن، أي وجعل الرجل يجيء بالأقط، وذكر أيضا السويق» .
ولا يخفى أن الحيس خلط السمن والتمر والأقط إلا أنه قد يخلط مع هذه الثلاثة السويق، وهذا يدل على أن الوليمة على صفية رضي الله تعالى عنها كانت نهارا.
وذهب ابن الصلاح من أئمتنا إلى أن الأفضل فعلها ليلا، قال بعضهم: وهو متجه إن ثبت أنه صلى الله عليه وسلم فعلها ليلا، أي لأحد من نسائه. وقد جاء «لا بد للعرس من وليمة» .
وقال لأنس: آذن من حولك: أي ليأكلوا من ذلك الحيس، وكان صلى الله عليه وسلم يضع لها ركبته لتركب، فتضع رجلها على ركبته الشريفة حتى تركب. وفي لفظ: لما وضع صلى الله عليه وسلم ركبته لتركب عليها أبت أن تضع قدمها على ركبته الشريفة ووضعت فخذها على ركبته، أي ولعل هذا الثاني منها كان في أول الأمر، فلا مخالفة.
وعن صفية رضي الله تعالى عنها: ما رأيت أحدا قط أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد رأيته ركب بي في خيبر وأنا على عجز ناقته ليلا، فجعلت أنعس فتضرب رأسي مؤخرة الرحل فيمسني بيده ويقول: يا هذه مهلا.
ونهى صلى الله عليه وسلم عن إتيان الحبالى من النساء اللاتي سبين، وأن لا يصيب أحد امرأة من السبي غير حامل حتى يستبرئها أي تحيض.
أي وفي لفظ: أمر صلى الله عليه وسلم مناديه ينادي أن من آمن بالله واليوم الآخر لا يسق بمائة زرع الغير، ولا يطأ امرأة حتى تنقضي عدتها: أي حتى تحيض.
وبلغه صلى الله عليه وسلم عن شخص أنه ألمّ بامرأة من السبي حبلى، فقال: لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره. ونهى صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم.
ورأيت في كلام بعضهم أن غالب اقتياتهم في خيبر كان أكل الثوم والكراث حتى تقرحت أشاقهم، أي وذلك قبل النهي.
ثم رأيت في الترغيب والترهيب عن أبي ثعلبة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فوجدوا في جنانها بصلا وثوما فأكلوا منه وهم جياع، فلما راح الناس إلى المسجد إذا ريح بصل وثوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا» وليس في ذلك نهي عن أكل الثوم والبصل: أي مطلقا، إنما النهي عن إتيان المسجد لمن أكلهما تأمل.
ومن ثم جاء أنه لما قال ذلك صلى الله عليه وسلم قال الناس حرم ذلك، فلما بلغه صلى الله عليه وسلم ما قالوا، قال: أيها الناس؛ إنه ليس لنا تحريم ما أحل الله ولكنها شجرة أكره ريحها.
وعن فرقد السنجي «ما أكل نبي قط ثوما ولا بصلا» .