للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدم أن جويرية رضي الله تعالى عنها رأت القمر أيضا وقع في حجرها، وكون صفية رضي الله تعالى عنها كانت عروسا عند مجيئه صلى الله عليه وسلم خيبر ربما يدل على أن سلام بن مشكم طلقها قبل الدخول بها، فقد تقدّم أن كنانة تزوّج بها بعد أن طلقها سلام بن مشكم فليتأمل.

وعن صفية رضي الله عنها أنها قالت «انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من الناس أحد أكره إليّ منه قتل أبي وزوجي وقومي، فقال صلى الله عليه وسلم: يا صفية أما إني أعتذر إليك مما صنعت بقومك، إنهم قالوا لي كذا وكذا، وقالوا فيّ كذا وكذا، وفي رواية: إن قومك صنعوا كذا وكذا، وما زال صلى الله عليه وسلم يعتذر إليّ حتى ذهب ذلك من نفسي، فما قمت من مقعدي ومن الناس أحد أحب إليّ منه صلى الله عليه وسلم» وأعرس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن طهرت من الحيض في قبة بعد أن دفعها صلى الله عليه وسلم لأم سليم لتصلح من شأنها، وبات تلك الليلة أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى متوشحا سيفه يحرسه ويطوف بتلك القبة حتى أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى مكان أبي أيوب، فقال: ما لك يا أبا أيوب؟

قال: يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة، قتلت أباها وزوجها وقومها وهي حديثة عهد بكفر، فبت أحفظك، فقال: اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني.

قال السهيلي رحمه الله: فحرس الله أبا أيوب بهذه الدعوة، حتى إن الروم لتحرس قبره ويستشفون به فيستصحون، أي ويستسقون به فيسقون.

فإن غزا مع يزيد بن معاوية سنة خمسين، فلما بلغوا القسطنطينية مات أبو أيوب رضي الله عنه هنالك، فأوصى يزيد أن يدفنه في أقرب موضع من مدينة الروم، فركب المسلمون ومشوا به حتى إذا لم يجدوا مكانا مساغا دفنوه، فسألتهم الروم عن شأنهم، فأخبروهم أنه كبير من أكابر الصحابة، فقالت الروم ليزيد: ما أحمقك وأحمق من أرسلك أأمنت أن ننبشه بعدك، فنحرق عظامه، فحلف لهم يزيد لئن فعلتم ذلك ليهدمن كل كنيسة بأرض العرب، وينبش قبورهم، فحينئذ حلفوا بدينهم ليكرمن قبره وليحرسنه ما استطاعوا.

أي وجاء أنه صلى الله عليه وسلم لما قطع ستة أميال من خيبر وأراد أن يعرس بها فأبت، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه، فلما سار ووصل الصهباء مال إلى دومة هناك فطاوعته، فقال لها: ما حملك على إبائك حين أردت المنزل الأول؟ قالت: يا رسول الله خشيت عليك قرب يهود، وهذا المحل الذي هو الصهباء هو الذي ردت فيه الشمس لعليّ بعد ما غربت كما تقدم.

وأقام صلى الله عليه وسلم بذلك المحل ثلاثة أيام، وجعل وليمتها حيسا في نطع صغير، والحيس: تمر وأقط وسمن. أي ففي البخاري «فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروسا، فقال: من كان عنده شيء فليجيء به وبسط نطعا، فجعل الرجل يجيء بالتمر، وجعل الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>