وذكر في الأصل أن جعل عتق الأمة صداقها من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وقد ذكره الجلال السيوطي في الخصائص الصغرى. وذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى عدم الخصوصية. وقال ابن حبان: لم ينقل دليل على أنه خاص به صلى الله عليه وسلم دون أمته.
وقيل إن دحية الكلبي رضي الله تعالى عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية فوهبها له، وقيل وقعت في سهمه رضي الله تعالى عنه، ثم ابتاعها صلى الله عليه وسلم منه بتسعة أرؤس، أي وإطلاق الشراء في ذلك على سبيل المجاز، على أنه يخالف ما تقدّم أنها من صفية صلى الله عليه وسلم قبل القسمة.
وفي البخاري «فجمع السبي فجاء دحية رضي الله تعالى عنه فقال: يا نبي الله أعطني جارية من السبي، فقال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أعطيت دحية صفية سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلا لك، فقال: ادعوه بها، فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذ جارية من السبي غيرها» أي فأخذ غيرها.
أي والتي أخذها غيرها هي أخت كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق زوج صفية كما في الأم لإمامنا الشافعي رضي الله عنه عن سيرة الواقدي، وقول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا نبي الله أعطيت دحية صفية يدل على أنه اسمها، وحينئذ يخالف ما قيل إن اسمها زينب فسماها صلى الله عليه وسلم صفية كما تقدم.
وفي رواية أن صفية سبيت هي وبنت عمّ لها، وأن بلالا جاء بهما فمرّ على قتلى يهود، فلما رأتهم بنت عم صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها، فلما رآها صلى الله عليه وسلم قال: اعزبوا عني هذه الشيطانة، وقال صلى الله عليه وسلم لبلال: أنزعت منك الرحمة يا بلال حتى تمرّ بامرأتين على قتلى رجالهما؟ ثم دفع صلى الله عليه وسلم بنت عمها لدحية الكلبي رضي الله تعالى عنه، وفي رواية: وأعطى دحية بنت عمها عوضا عنها.
أي وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل بصفية رأى بأعلى عينها خضرة فقال: ما هذه الخضرة؟ قالت: كان رأسي في حجر بن أبي الحقيق- تعني زوجها، أي وهي عروس- وأنا نائمة، فرأيت كأن القمر وقع في حجري، فأخبرته بذلك، فلطمني وقال: تتمني ملك العرب، وفي لفظ: حين نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وكنت عروسا رأت كأن الشمس نزلت حتى وقعت على صدرها فقصت ذلك على زوجها قال: والله ما تتمنين إلا هذا الملك الذي نزل بنا فلطم وجهها لطمة اخضرت عينها منها. ولا مانع من تعدد الرؤية أو أنها رأت الشمس والقمر في وقت واحد، وسيأتي في الكلام على زوجاته صلى الله عليه وسلم أنها قصت ذلك على أبيها ففعل بها ذلك، وسيأتي أنه لا مانع من تعدد الواقعة وأنهما فعلا بها ذلك.