غدر إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، تعلم أمري وأمرك عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت «كيف يقدس الله قوما لا يأخذ لضعيفهم من قويهم» .
وذكر «أنه لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيبر ودنا منها بعث محيصة بن مسعود إلى أهل فدك يدعوهم إلى الإسلام ويخوفهم، قال محيصة: فجئتهم فجعلوا يتربصون ويقولون إن بخيبر عشرة آلاف مقاتل فيهم عامر وياسر والحارث وسيد اليهود مرحب، ما نرى أن محمدا يقرب إليه، فمكثت عندهم يومين، ثم أردت الرجوع، فقالوا: نحن نرسل معك رجالا منا يأخذون لنا الصلح، كل ذلك وهم يظنون أنه صلى الله عليه وسلم لا يقدر على فتح خيبر، حتى جاءهم أناس من حصن ناعم، وأخبروهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحه فأرسلوا رجلا من رؤسائهم يقال له نون بن يوشع في نفر، يصالحون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويجليهم، ويخلوا بينه وبين الأموال، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
وقيل تصالحوا معه على أن يكون لهم نصف الأرض ولرسول الله صلى الله عليه وسلم النصف الآخر، فكان فدك على الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الثاني كان له نصفها لأنها لم تؤخذ بمقاتلة، فكان صلى الله عليه وسلم ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أيمهم.
ولما مات صلى الله عليه وسلم وولي أبو بكر رضي الله عنه الخلافة سألته فاطمة رضي الله عنها أن يجعلها أو نصفها لها فأبى. وروى لها أنه صلى الله عليه وسلم قال:«إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» أي على المسلمين.
ومما يؤيد الثاني ما قيل إنه لما أجلاهم عمر رضي الله عنه مع يهود خيبر كما سيأتي اشترى منهم حصتهم التي هي النصف بمال بيت المال.
فلما صارت الخلافة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فقيل له إن مروان اقتطعها: أي جعلها أقطاعا له، فقال: أرأيتم أمرا منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة: أي بقوله صلى الله عليه وسلم «لا نورث ما تركناه صدقة» ليس لي بحق، وإني أشهدكم أني قد رددتها على ما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي صدقة على المسلمين. وطلب الصلح كان بعد أن أرادت غطفان وسيدهم عيينة بن حصن أن يعينوا أهل خيبر، أي وكانوا أربعة آلاف، فإن يهود خيبر لما سمعوا بمجيئه صلى الله عليه وسلم إليهم أرسلوا كنانة بن أبي الحقيق وهودة بن قيس في أربعة عشر رجلا إلى غطفان ليستمدوا بهم، وشرطوا لهم نصف ثمار خيبر إن غلبوا على المسلمين، فجمعوا ثم خرجوا ليظاهروا يهود خيبر.
أي ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم أن لا يعينوهم على أن يعطيهم من